يفتتح العام الجديد 2021 فلسطينيا على تحديات كبيرة بعدما أقفل العام 2020 أيامه الاخيرة على ملفات ساخنة ما زالت مفتوحة ومتشابكة حينا ومعقدة احيانا، تبدأ بجمود المصالحة الوطنية وانهاء الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس"، ولا تنتهي بتداعيات جائحة كورونا" مع ارتفاع نسبة البطالة والفقر المدقع في اوساط ابناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، ولا بالعجز المالي لوكالة "الاونروا" التي لم تستطع دفع رواتب موظفيها والعاملين فيها عن شهر كانون الاول في خطوة غير مسبوقة.
وكشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنيّة بعث برسائل الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" والامناء العامين للفصائل الفلسطينية، تتضمن الرغبة باستئناف الحوار والمصالحة في اطار الجهود التي تبذلها الحركة لترتيب البيت الفلسطيني واعادة بناء النظام السياسي على مستوى منظمة التحرير ومؤسسات السلطة، خاصة في ظل ما تمر به القضية الفلسطينية وبعد جمود الملف في اعقاب استئناف السلطة العلاقات والتنسيق الامني مع "اسرائيل" والتي اثرت سلبا على السير قدما لانجازها بعد اعتراض وامتعاض لهذه الخطوة خلافا لما تم الاتفاق عليه في اجتماعات بيروت ورام الله واسطنبول في وقت سابق من العام الماضي.
وتضمنت الرسالة رؤية "حماس" لتجاوز احدى نقاط الخلاف في اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، حيث اصرت حركة "فتح" على اجرائها بالتوالي، بينما "حماس" تطالب باجرائها دفعة واحدة، وقد وافقت عليها بالتوالي والترابط خلال ستة اشهر من تاريخ اصدار المرسوم الرئاسي الذي يحدد تواريخ اجراء الانتخابات، ويصار بعد ذلك الى حوار وطني للاتفاق على كافة التفاصيل المتعلقة باجراء الانتخابات في تواريخها، كاشفة عن مساع تقوم بها بعض الاطراف وخاصة مصر وقطر لاهمية استئناف مسار المصالحة والبحث في المقاربات التي يمكن لها ان تساهم في انجازها.
رسالة هنية
"النشرة" تكشف عن نص الرسالة التي بعثها هنية الى الرئيس عباس والامناء العامين للفصائل وفيها "اننا اخوانك في حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وايمانا منا بضرورة وحتمية انهاء الانقسام وانجاز الوحدة الوطنية والشراكة الاستراتيجية والمسؤولية الوطنية تجاه شعبنا وقضيتنا وحقه في نيل حريته واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وانجاز حق عودة شعبنا الى دياره التي اخرج منها، وان الطريق الى ذلك يمر عبر محطة ضرورية واستراتيجية هي انجاز الوحدة الوطنية التي نخوض من خلالها معركتنا مع المحتل الغاصب بكل اشكالها معا وسويا حتى انجاز الاستقلال، وايمانا منا بأن ارادة شعبنا الحرة هي الطريق لانجاز هذه الوحدة واستكمالها وحمايتها فاننا في حركة المقاومة الاسلامية "حماس" وفي ضوء التطورات الاخيرة التي تشهدها وادراكا منا بأهمية الوقت وفي ضوء حديث بعض الاشقاء معنا وخاصة مصر وقطر عن اهمية استئناف مسار المصالحة والبحث في المقاربات التي يمكن لها ان تساهم في ذلك، فإن قيادة الحركة عكفت خلال الفترة الاخيرة على دراسة الامر من كل جوانبه، وخلصنا الى اننا مستعدون للمضي في عملية المصالحة والشراكة الوطنية التي مررنا بالعديد من مراحلها بدء من اتفاقيات القاهرة، وكان اخرها تفاهمات اسطنبول ومخرجات اجتماع "الامناء العامون" الذي عقد بين رام الله وبيروت وجاهزيتها لانجاز هذه الخطوات المتمثلة في: انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني وانتخابات رئاسة السلطة الوطنية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وبحيث تتم الانتخابات بالتوالي والترابط خلال ستة اشهر من تاريخ اصدار المرسوم الرئاسي الذي يحدد تواريخ اجراء الانتخابات ويصار بعد ذلك الى حوار وطني للاتفاق على كافة التفاصيل المتعلقة باجراء الانتخابات في تواريخها، ويمكن انجاز هذه الترتيبات عبر قناة الحوار الوطني الفلسطيني، مؤكدين وشاكرين في الوقت ذاته جهود الاخوة في مصر وقطر وتركيا وروسيا وكل من يساهم ايجابا في هذا الجهد العظيم وما يمكن ان يقدموه من ضمانات لانجاز واستكمال هذا المسار، حيث انهم في حديثهم معنا اكدوا على توفير الضمانات اللازمة لانجاز الاتفاق".
تشجيع المصالحة
ووصفت اوساط فلسطينية ان الرسالة المذكورة مهمة في دلالاتها السياسية وتوقيتها مع تصاعد وتيرة حركة التطبيع العربية مع "اسرائيل" غير المسبوق، وفي ظل الانتظار لانتقال الرئاسة الاميركية بين الرئيسين دونالد ترمب والمنتخب جو بايدن والرهان على ما بعد العشرين من كانون الثاني الجاري، وتشجيع المضي بالمصالحة كما كان الحال قبل الانتخابات الاميركية حيث كانت العلاقات بين السلطة الفلسطينية والادارة الاميركية و"اسرائيل" مقطوعة بسبب قرارات ترامب الجائرة ضد القضية الفلسطينية بدءًا من نقل السفارة الاميركية الى القدس، مرورا بقطع المساعدات المالية لوكالة "الاونروا" والسلطة وصولا الى تشجيع الضمّ الاسرائيلي في الضفة والاغوار والمزيد من الاستيطان وعدم الرهان على تغييرات جوهرية مع الادارة الاميركية الجديدة القادمة، وعلى قاعدة ان انهاء الخلافات وتحقيق الوحدة هو المدماك الاول لمواجهة اي مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة.
مصير الاونروا
الى جانب مساعي المصالحة، فان مصير "الاونروا" خلال العام 2021 يبدو هو الملف الاهم والاكثر تحديا، على ضوء العجز المالي المتراكم والذي بلغ نحو 70 مليون دولار اميركي، وفي ظل استهداف سياسي دولي غير مسبوق بهدف تصفية القضية الفلسطينية على اعتبارها الشاهد الحي على استمرار النكبة واللجوء والقرار الدولي 194 الذي ينص على حق العودة.
وتقول مصادر فلسطينية لـ"النشرة" ان اتحاد الموظفين في الاقاليم الخمسة حيث تعمل "الاونروا" تلقى وعدا من الادارة بدفع الرواتب في منتصف الاسبوع الجاري كاملا ودون تجزئة، فيما بدأت الانتقادات تخرج الى العلن على لسان كبار الموظفين السابقين ومنهم حكم شهوان الذي تولى رئاسة الاونروا في لبنان لفترة وجيزة، اذ أكد ان عقد اجتماعات ومؤتمرات للجنة الاستشارية لا يجلب أموالا سوى استثناءات بسيطة، ذلك ان الجهد يكون قبل تلك المؤتمرات وخلف الكواليس مباشرة مع كل دولة وبعدها يعقد المؤتمر الذي تكون نتائجه معروفة بنسبة ٩٠-٩٥٪ عدا ذلك فهو مضيعة للوقت"، مؤكدا ان "هناك مشكلة كبيرة في قسم العلاقات الخارجية المسؤول الرئيسي عن توفير التمويل والعلاقات مع الدول المانحة.
في المقابل، اكد مصدر مسؤول في "الاونروا" لـ"النشرة"، انه جرى توفير حوالي 80% من رواتب موظفيها للشهر الماضي، بعدما واجهت الوكالة صعوبات مالية خطيرة العام الماضي، بعث المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني رسالة للموظفين تضمنت ما "أسفرت الجهود المكثفة التي بذلت عن موافقة مانحينا، وبشكل استثنائي، على توظيف أموال كانت مخصصة لأغراض خارجة عن الموازنة البرامجية لتمكين الأونروا من دفع صافي الرواتب لشهر كانون الأول، مع اشتراط أن يتمّ سداد المبلغ مع أولى الدفعات التي تصل إلى الوكالة في بداية العام"، مضيفا "على ضوء هذه التطورات فإن "الأونروا" ستوفر صافي الرواتب في منتصف الأسبوع المقبل. وبالرغم من أنّ هذا الإجراء الداخلي يمكّن الوكالة من دفع رواتب هذا الشهر، إلا أنه حلّ مؤقت للأزمة المالية والتي ستبرز من جديد مع بدايات العام 2021 إذا لم تستلم الموارد المالية الكافية".
وكان المؤتمر العام لاتحادات العاملين في الوكالة أنهى الشهر الماضي نزاع العمل مع إدارة الوكالة بعد يوم من إعلانه، وذلك بعد تأكيد الأخيرة "عدم المساس برواتب أو استحقاقات أو امتيازات حصل عليها الموظفون خلال الأعوام السابقة، علما ان "الأونروا" تابعة للأمم المتحدة وتأسست بقرار من الجمعية العامة عام 1949، وتمّ تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لنحو 5.6 مليون لاجئ من فلسطين مسجلين لديها.